السبت، 25 أكتوبر 2008

حرب (نظيفة) وفعالة وغير مرئية وصامتة حرب الأمواج الكهرومغنطيسية
ترجمة: د. غصون بنت كامل عمار
تثير الأمواج الكهرومغنطيسية، (النظيفة) والفعالة، وغير المرئية، والصامتة.. اهتمام العسكريين إلى حد كبير. لقد بدأت "حرب المستقبل" منذ وقت مضى في المختبرات السرية. وفيما يلي نعرض لأهوال هذه الحرب.تخيلوا مقاتلاً مدرعاً بالإلكترونيات، وغارقاً في بزة محكمة مضادة للعوامل الكيميائية والبكتريولوجية، وعلى رأسه خوذة تعمل بالأشعة تحت الحمراء ومزودة بشاشة مدمجة تحدد له موقعه الجغرافي في الزمن الحقيقي وتحسب مسار رميه؛ وفي ذراعه بندقية ليزرية أو مسدس أمواج ميكروية موصول بمركز القيادة عبر الأقمار الصناعية. جندي المشاة إياه العالي التقانة، المفزع، ليس وليد أفكار كاتب سيناريو خيال علمي، بل قد يظهر في ساحات المعارك خلال السنوات العشرين القادمة..هذا الجندي، من النوع الجديد، ولد من التغير العميق، الاستراتيجي والعملياتي، الذي يتسم به القطاع العسكري منذ نهاية الحرب الباردة. وفي الولايات المتحدة، بشكل خاص، منذ أن تلاشى طيف الصدام الجبهي مع الكتلة الشرقية، أحدث تطور العلوم التقنية، والاستثمار الإعلامي للصراعات (ظاهرة السي إن إن) وتكليف القوات المسلحة بمهام جديدة (التدخل، وإعادة السلام أو الحفاظ عليه) تغيراً في طريقة إدراك البيئة الأمنية. فيما وراء المحيط الأطلسي، يتحدثون عن حرب المستقبل Future Warfare.يتم تطوير الأسلحة الرهيبة لهذه الحرب المستقبلية منذ عدة عقود مضت، خصوصاً في المختبرات الأمريكية والروسية. يذكر من بينها الأسلحة "ذات الطاقة الموجهة"، التي تطلق أمواجاً كهرومغنطسية electromagnetiques أو جسيمات صغيرة كالإيونات Ions، والهدف: تحديد العدو عن بعد، بل خصوصاً دون الإضرار بالقدرة الاقتصادية للمنطقة، ودون إنتاج فضلات أو إحداث تلويث. باختصار، العسكريون يعيدون التفكير بأسطورة "الحرب النظيفة" و "الموت صفر" (الحرب دون خسائر في الأرواح) على حساب الصناعة الإلكترونية...قذائف لا ماديةتتميز الأسلحة الكهرومغنطسية عن السلاح التقليدي بثلاثة جوانب: في الأسلحة النارية، يتم الحصول على قوة الدفع بوساطة التفاعل الكيميائي المتولد عن احتراق البارود. هنا، يتم الحصول عليه بواسطة مولد (كيميائي، كهروكيميائي، حراري فلطيّ ضوئي، أو نووي أيضاً). تصبح القذيفة لامادية وذاتية.أيام الرصاصة والقنبلة إلى زوال؛ ومنذ اليوم، باتت الموجة الكهرومغنطيسية أو حزمة الجسيمات هي مصدر التهديد. ومنذ الآن، لن يعود المدفع يظهر عموماً على شكل أنبوب بل على شكل هوائي. "في السلاح الكهرومغنطيسي، سرعة القذيفة هي سرعة كل الموجات الكهرومغنطيسية، أي سرعة الضوء (نحو 000 300 كم-ثا). هذه السرعة، الأعلى التي يمكن تصورها، هي أكبر بما لا يقارن بسرعة أكثر الصواريخ سرعة، التي لا تتجاوز 30000 كم-سا في نهاية الاحتراق"، على حد عبارة الخبير الأوروبي "دانيال دوبري(1).إذا كانت الأسلحة النارية تصنف وفقاً لعياراتها، فإنه يمكن تصنيف الأسلحة الكهرومغناطيسية وفقاً للأطوال الموجية للإشعاعات التي تطلقها، أو وفقاً لنمط تعديل هذه الأشعة. ويمكن أن نشير إلى خمس فئات، منها: الأسلحة خفيضة الترددات وخفيضة الترددات جداً basses et tres basses fre quences وأسلحة الترددات الراديوية المفرطة أو الموجات الميكروية وأسلحة الترددات البصرية، وأخيراً أسلحة الجسيمات.وتنتمي الأسلحة الثلاثة الأولى إلى ميدان الترددات المسماة هرتزية.إن التجارب الأولى حول الأسلحة خفيضة الترددات وخفيضة الترددات جداً المسماة Extremely Low Frequencies ELF عندما تقع بين (0) و (30) هرتز، و(SLF) LowSuper Ferquencies عندما تقع بين 30-300 هرتز، هذه التجارب تعود إلى الخمسينيات. وكانت تهدف إلى نصب مرسلات ELF-SLF في أراضي الولايات المتحدة، من أجل بناء شبكة هرتزية واسعة تتيح الاتصال بالغواصات تحت الماء. فيما بعد، تخلى الأسطول الأمريكي عن هذا المشروع المدمر لصالح منظومات البث عبر الأقمار الصناعية.ما الأضرار التي تسببها الموجات ELF- SLF ؟ليست هذه الموجات مؤيَّنة، وبالتالي فهي لاتتمخض عن حالات تخريب خلوي. إلا أن ما تسببه ليس أقل رعباً...فكلما كان ترددها عالياً، ازداد حجم الضرر. هل يمكنها التأثير على العمليات البيولوجية أو النفسية للكائن البشري، وإتلاف قدراته العقلية وذاكرته؟ هنا يكمن الجدل كله. ليسوا كثيرين خبراء هذا الموضوع، وهم منقسمون حوله.تأثيرات مهلكةيستند "دانيال دبريس" إلى أعمال أنجزها في الستينات البروفسور" هربرت كونيك H. Koniq من كلية ميونيخ: "أوضحت هذه الأبحاث بعض تأثيرات الترددات الخفيضة والخفيضة جداً. مثلاً، تلف المنعكسات عند من يتعرضون لها: يطول زمن ردود الفعل بشكل ملموس وتظهر لديهم حالة من الخرق". ويضيف: "تدفعني أبحاثي الخاصة إلى الاعتقاد بأن المكون المغنطيسي للإشعاعات غير المؤينة يمكن أن يحدث تغييراً في العملية الفيزيائية- الكيميائية التي تضبط الاستقلاب الصمّاوي endocrinien، خصوصاً بمستوى الغدة الدرقية".في عام 1965، في الولايات المتحدة، قام الدكتور "ج. ر. هامر "باستقصاءات في مختبرات شركة "نورثروب سبيس" (التي تتزود منها وكالة الفضاء الأمريكية)، وأودع نتائجه- التي تقاطعت مع نتائج البروفسور "كونيك" في جميع النقاط- في مذكرة تحت عنوان "التدريب البيولوجي للدماغ بالتشعيعات الخفيضة التردد".من المعروف اليوم أن الجيش الأمريكي قد أنجز سراً في السبعينات برامج بحثية حول تأثيرات الإشعاعات غير المؤينة خفيضة التردد جداً، برئاسة الباحثين "روبرت بيكر" و "أندريو مارينو". بعد ذلك بوقت غير قصير، أقر هذان الباحثان بهذه المشاركة وأكدا حقيقة التأثيرات المرعبة التي تنتج عن هذه الحقول (اضطرابات قلبية بشكل خاص).لم يقف السوفييت على هامش هذا السباق باتجاه التعقيد المفرط لوسائل الموت.. ففي تشرين الثاني-نوفمبر 1989، نشرت مجلة Microwave News الأمريكية تصريحاً للرئيس "بوريس يلتسين" يعترف فيه بأن الاستخبارات السوفييتية (كي جي بي) كانت قد درست اللجوء إلى عمليات بث ال ELF للقتل عن بعد بإيقاف وظيفة القلب.البحث في هذا الميدان هو على ما يبدو شاغل قديم ودائم للعسكريين. وهناك ما هو أكثر إثارة للقلق... فوفقاً لمعطيات "دانيال دوبري"، فإن مرسلات ELF، "الشرهة للطاقة والصعبة التشغيل"، لا يمكن أن تكون موضع سيطرة إلا بالنسبة للبلدان الشاسعة المساحة، كالولايات المتحدة وروسيا والصين، وللاستخدام الداخلي بشكل أساسي!. ومن الواضح أن هذه المنشآت لايمكن أن تستخدم، كأسلحة، إلا ضد سكان البلدان التي أقيمت فيها، من أجل إحداث ظاهرة من اللاإحساس" (خمول) إبان الاضطرابات الاجتماعية مثلاً.يوضح هذا المثال الضبابية المحفوظة بمهارة بين تطبيقات مدنية وأخرى عسكرية لمثل هذه الأجهزة... وفي الولايات المتحدة، طورت أسلحة كهرومغنطيسية في إطار من التعاون المقلق بين وزارة الدفاع ووزارة العدل. وهذا ما أثار مخاوف المدافعين عن حقوق الإنسان والحريات المدنية، التي أخافها بعض المشاريع المرعبة. وكانت مجلة Scientific Advisory Committee من سلاح الجو الأمريكي، قد نشرت تصور تطوير مصادر طاقة كهرومغناطيسية يمكن أن تكون إشارتها نابضة وموجهة، ويمكن وصلها بالجسم البشري بحيث تعيق الحركات الإرادية، وتتحكم بالانفعالات (والأفعال)، ويمكن أن تنيم الشخص، وتنقل له الإيحاءات وتتداخل مع ذاكرته القصيرة الأمد والأخرى الطويلة الأمد، وتتمخض عن إكسابه خبرات أو محو خبراته المكتسبة. ويمهد ذلك لتطوير إمكانات جديدة يمكن استخدامها في صراع مسلح، أو عمل إرهابي أو أخذ رهائن".هل هو هذيان واهمين يرتدون البزات النظامية؟أهداف مادية.. أو حيةأراد البروفسور "برنار فيرت"، مدير مختبر فيزياء التأثيرات الموجية- المادية- جامعة بوردو 1(فرنسا)، أن يكون مطمئناً وقد رأى "أن الجهود المبذولة في صنع واختبارات الأسلحة الكهرومغناطيسية الموجهة تهدف بشكل خاص إلى إيجاد وسائل جديدة لتدمير الأهداف المادية، وبالأخص الإلكترونيات. ولو أن الأهداف الحية متصورة هي أيضاً.ووفقاً لرأي البروفسور "فيرت" فإن الأسلحة الموجهة نوعياً ضد الأشخاص قد تكون مختلفة بشكل جذري، لأن مقاومة الأشخاص للحقول الكهربائية العالية (التي تتوافق وحزم الموجات الميكروية النابضة) هي مقاومة جيدة جداً، وستكون أسلحة قوية للغاية، وقادرة على إحداث تأثيرات بيولوجية وبيلة (أظهرت التجارب المنجزة على الحيوانات بالنبضات الوجيزة جداً والقوية، أن تأثيراتها ضعيفة جداً). وقد تكون أيضاً أسلحة نوعية يتداخل فيها تضمين الإشارات مع العمليات البيولوجية، خصوصاً مع عمل الدماغ. وفي الوقت الراهن، لا تتوافر أية نتيجة منشورة حول تأثيرات الموجات الميكروية النابضة. إلا أنه كان قد تم الحصول على نتائج إيجابية في المختبرات العسكرية، وبقيت طي الكتمان"..

ليست هناك تعليقات: